الأربعاء، 11 مارس 2009

جمهورية دلال


















تسابق الشباب الفلسطيني للمشاركة في العملية وكان على رأسهم شابة فلسطينية هي دلال المغربي ابنة العشرين ربيعا والتي ولدت عام 1958 في إحدى مخيمات بيروت لأسرة من مدينة يافا ولجأت إلى لبنان عقب نكبة عام 1948 .
وتلقت دراستها الابتدائية في مدرسة يعبد والإعدادية في مدرسة حيفا وكلتاهما تابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في بيروت ، وبعد ذلك التحقت بالحركة الفدائية الفلسطينية فدخلت عدة دورات عسكرية وتدربت على جميع أنواع الأسلحة وحرب العصابات وعرفت بجرأتها وحماسها الثوري والوطني .
عملية كمال عدوان
في عام 1978 ، تعرضت الثورة الفلسطينية إلى عدة ضربات وفشلت لها عدة عمليات عسكرية وتعرضت مخيماتها في لبنان إلى مذابح وأصبح هناك ضرورة ملحة للقيام بعملية نوعية وجريئة لضرب إسرائيل في قلب عاصمتها فكانت عملية كمال العدوان والتي كانت من تخطيط وتفكير القائد الفلسطيني
خليل الوزير" أبو جهاد", قائد جهاز الأرض المحتلة المعروف بإسم جهاز القطاع الغربي الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح.
وكانت تقوم على أساس القيام بإنزال على الشاطئ الفلسطيني والسيطرة على حافلة عسكرية والتوجه إلى تل أبيب لمهاجمة مبنى الكنيست .
وتم فعلا اختيار دلال المغربي رئيسة للمجموعة التي ستنفذ العملية والمكونة من عشرة فدائيين بالإضافة إليها .
عرفت العملية باسم عملية كمال عدوان وهو قائد فلسطيني استشهد خلال تسلل فرقة يقودها إيهود باراك إلى بيروت وقيامها بقتل ثلاثة من قادة الثورة الفلسطينية في شارع السادات بحي الفرداني
بالعاصمة اللبنانية .
في صباح 11 مارس 1978 ، نزلت دلال مع فرقتها التي عرفت باسم دير ياسين من سفينة نقل تجارية تقرر أن توصلهم إلى مسافة 12 ميل عن الشاطئ الفلسطيني واستقلت مع مجموعتها قاربين مطاطيين ليوصلاها إلى الشاطئ في منطقة غير مأهولة ونجحت عملية الإنزال والوصول إلى الشاطئ ولم يكتشفها الإسرائيليون خاصة وأن إسرائيل لم تكن تتوقع أن تصل الجرأة بالفلسطينيين للقيام بإنزال على الشاطئ .
وبالفعل نجحت دلال وفرقتها في الوصول إلى الشارع العام المتجه نحو تل أبيب قرب مستعمرة (معجان ميخائيل)
وقامت بالاستيلاء على باص إسرائيلي بجميع ركابه من الجنود كان متجها إلى تل أبيب حيث اتخذتهم كرهائن واتجهت بالباص نحو تل أبيب وفي أثناء الطريق استطاعت المجموعة السيطرة على باص ثاني ونقل ركابه إلى الباص الأول وتم احتجازهم كرهائن ليصل العدد إلى 68 رهينة.
وكانت دلال تطلق خلال الرحلة النيران مع فرقتها على جميع السيارات العسكرية التي تمر بقربها مما أوقع مئات الإصابات في صفوف جنود الاحتلال خاصة وأن الطريق الذي سارت فيه دلال كانت تستخدمه السيارات العسكرية لنقل الجنود من المستعمرات اليهودية في الضواحي إلى العاصمة تل أبيب .
كان الوجوم يخيم على وجوه الرهائن إذ لم يخطر ببالهم رؤية فدائيين على أرض فلسطين ، وخاطبتهم قائلة: نحن لا نريد قتلكم نحن نحتجزكم فقط كرهائن لنخلص إخواننا المعتقلين في سجون دولتكم المزعومة من براثن الأسر، وأردفت بصوت خطابي نحن شعب يطالب بحقه بوطنه الذي سرقتموه ما الذي جاء بكم إلى أرضنا ؟ وحين رأت دلال ملامح الاستغراب في وجوه الرهائن سألتهم : هل تفهمون لغتي أم أنكم غرباء عن اللغة والوطن !!! هنا ظهر صوت يرتجف من بين الرهائن لفتاة قالت إنها يهودية من المغرب تعرف العربية ، فطلبت دلال من الفتاة أن تترجم ما تقوله للرهائن ثم أردفت دلال تستكمل خطابها بنبرات يعلوها القهر: لتعلموا جميعا أن أرض فلسطين عربية وستظل كذلك مهما علت أصواتكم وبنيانكم على أرضها. ثم أخرجت دلال من حقيبتها علم فلسطين وقبلته بكل خشوع ثم علقته داخل الباص وهي تردد ....
بلادي ... بلادي ... بلادي ** لك حبي وفؤادي فلسطين يا أرض الجدود ** إليك لا بد أن نعود
بعد ساعتين من النزول على الشاطيء وبسبب كثرة الإصابات في صفوف الجنود وبعد أن أصبحت دلال على مشارف تل أبيب اكتشفت القوات الإسرائيلية العملية فجندت قطع كبيرة من الجيش وحرس الحدود
ووضعت الحواجز وكلفت الحكومة الإسرائيلية فرقة خاصة من الجيش يقودها باراك بإيقاف الحافلة وقتل واعتقال ركابها من الفدائيين باي ثمن .
قامت وحدات كبيرة من الدبابات وطائرات الهليوكوبتر برئاسة باراك بملاحقة الباص والذي استطاع اجتياز ثلاث جواجز وقتل الجنود المتمركزين عليها إلى أن تم إيقاف الباص وتعطيله قرب مستعمرة هرتسليا
حاولت المجموعة الفدائية مخاطبة الجيش بهدف التفاوض وأملا في ألا يصاب أحد من الرهائن بأذى لكن جيش الاحتلال رفض أن يصغي لصوت الفتاة اليهودية المغربية التي حاولت محادثتهم من نافذة الباص بل إن الجيش أعلن عبر مكبرات الصوت أن لا تفاوض مع جماعة (المخربين) وأن عليهم الاستسلام فقط.
وهناك اندلعت حرب حقيقية بين دلال والقوات الإسرائيلية
أصيبت دلال باصابة بالغة ادت الى استشهادها واستشهد معها أحد عشر من الفدائيين بعد نفاذ ذخيرة المجموعة بعد أن كبدت جيش الاحتلال حوالي (30 قتيلا وأكثر من 80 جريحا) كرقم أعلنته قوات الاحتلال ، أما الاثنين الآخرين فتقول الروايات انه نجح أحدهما في الفرار والآخر وقع أسيرا متأثرا بجراحه فأقبلت قوات الاحتلال بشراسة وعنجهية على الأسير الجريح تسأله عن قائد المجموعة فأشار بيده إلى دلال وقد تخضبت بثوب عرسها الفلسطيني ، لم يصدق إيهود براك ذلك فأعاد سؤاله على الأسير الجريح مهددا ومتوعدا فكرر الأسير قوله السابق : إنها دلال المغربي.
فاقبل عليها إيهود باراك يشدها من شعرها ويركلها بقدمه بصلف ظالم لا يقر بحرمة الأموات وقد نشرت وسائل الإعلام تلك الصور
وصية دلال
تركت دلال وراءها وصية بخط يدها تطلب فيها رفاقها من المقاتلين حملة البنادق الاستمرار في المقاومة حتى تحرير كامل تراب فلسطين و تجميد جميع المتناقضات الثانوية و تصعيد المتناقض الرئيسي مع سلطات الاحتلال و توجيه البنادق إليها ، وقد استشهدت فداءً لما أوصت به ، فقدمت حياتها دفاعاً عن ثرى وطنها .
وفي الصفقة الاخيرة بين حزب الله اللبناني والكيان الصهيوني اتفق على الافراج عن رفات الشهيدة دلال المغربي والذي تحتجزه القوات الصهيونية مع العديد من رفات الفدائيين الا انه لم يتم الافراج عنها ولا اعادة رفاتها الطاهر وذلك بعدما لم يتم العثور عليها نتيجة انزلاقات التربة ولم يستدل على قبرها الذي جرف من مكانه نتيجة هذة الانزلاقات .
ابت دلال وبرغم استشهادها الا ان تبقى مدفونة في وطنها الذي شردت منه فضلت شوكة تقض مضاجع الصهاينة فقد احتضنتها الارض الفلسطينية لتعلن دلال ان ليس فوق هذه الارض جمهوريات الا جمهورية دلال وان لا دولة عليها الا الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .
فكم نحتاج في هذه الذكرى لدلال اخرى ولاخوات دلال لنقول للعالم هاهي المرأة الفلسطينية والتي لا تكرم بيوم في العام وانما تكرم طوال العمر فلو كان هناك يوما للمرأة لما كان احق من الحادي عشر من مارس يوم اعلان جمهورية دلال .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق